ازدهر اقتصاد المملكة العربية السعودية على مدى الخمسين عامًا على مدى نصف القرن الماضي، احتلت المرتبة الثالثة في العالم من حيث النمو السريع للناتج المحلي الإجمالي بعد الصين وكوريا الجنوبية. من المتوقع أن يرتفع دخل المقيم من 25000 دولار أمريكي في عام 2012 إلى 33500 دولار أمريكي بحلول عام 2021. اليوم مع استمرار المملكة العربية السعودية في تنويع اقتصادها بعيدًا عن الركائز التقليدية لصناعة الهيدروكربونات، فإنها تكتسب سمعة متزايدة كوجهة رئيسية لاستثمار الأجنبي المباشر.
أسباب استمرار نجاح المملكة العربية السعودية
لا شك أن المملكة تمتلك أحد الاقتصادات الرائدة في العالم حيث أنها عضو في قمة مجموعة العشرين بالإضافة إلى كونها أكبر وأنجح اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. توفر المملكة العربية السعودية التي تشكل إمدادات النفط منها نحو خمس موارد العالم 38٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية.
نظرًا لكون المملكة العربية السعودية عضوًا رائدًا في مجلس التعاون الخليجي فإن الاستثمار فيها يتيح أيضًا الفرصة لدخول أسواق الدول الأعضاء الخمس الأخرى (البحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة) والتعاون مع الاقتصادات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معفاة من الرسوم الجمركية.
تعد ضريبة الدخل وضريبة المبيعات وضريبة الممتلكات من بين أشكال الضرائب المفروضة غير الموجودة في نظام الضرائب في المملكة (وعلى الرغم من عدم وجود ضريبة القيمة المضافة حاليًا فسيتم تطبيقها في عام 2022 من قبل مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك المملكة العربية السعودية).
تتوفر أنظمة الإعفاء الضريبي لعائدات التصدير ويتم تطبيق الإعفاءات الضريبية على استثمارات البحث والتطوير. ينتظر المستثمرون الأجانب إغراءات استثمارية جديدة حيث تم تخفيض ضريبة الشركات نسبيًا بنسبة 20٪ على إجمالي أرباح الشركات و 5٪ ضريبة مقتطعة ويمكن ترحيل أي خسائر إلى أجل غير مسمى وخصمها من الضرائب المستقبلية.
الموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية
تحتل المملكة العربية السعودية موقعًا جيو استراتيجيًا يعرف باسم البنان، حيث تقع على مفترق طرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا وشبه القارة الهندية. تمتلك المملكة بنية تحتية وشبكة نقل ممتازة وتعمل على تنمية جيل من الشباب الذين كانوا ولا يزالون عاملاً رئيسياً في العديد من القرارات الاستراتيجية للحكومة. كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي حصلت على ترخيص لخدمات اتصالات الجيل الثالث (2004) والجيل الرابع (2011).
بحلول عام 2015، بلغ انتشار الهاتف المحمول 167.5٪ وبلغ عدد المشتركين في المملكة 52 مليون مشترك. ساعد التوسع الحضري السريع في المملكة العربية السعودية على تطوير أنظمة النقل الحديثة، بينما تواصل المطارات الرئيسية الثلاثة في المملكة (الرياض وجدة والدمام) خدمة عدد كبير ومتزايد من الركاب وشركات الشحن الجوي.
تحتل المملكة العربية السعودية التي تمتلك أحد أكبر 20 اقتصادًا في العالم والاقتصاد الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المرتبة 44 من بين 189 دولة من حيث سهولة الأعمال مطابقتًا للتقارير التي تم تقديمها عام 2020 حول مؤسسة التمويل الدولية. هناك دولتان فقط حيث يكون فائض الحساب الجاري أكبر من فائض المملكة على مدى العقدين الماضيين وطورت المملكة العربية السعودية وعززت التعاون الدولي.
في عام 1997 كانت المملكة العضو المؤسس لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبعد مضي ثمانية أعوام، انضمت المملكة إلى شركة التجارة العالمية. كما وقعت اتفاقيات تجارية واستثمارية ثنائية مع العديد من الدول في أوروبا وآسيا، كما لعبت المملكة دورًا مهمًا كعضو مؤسس في مجلس التعاون الخليجي. ان الغاية في تنفيذ الأنظمة الخاصة بالاتحاد الجمركي لدول التعاون الخليجية في عام 2004، وهذه الاتفاقية قامت بإلغاء رسوم الجمارك الداخلية.
الحوافز التنظيمية للاستثمار الأجنبي
لا تخفي المملكة العربية السعودية رغبتها في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يعتبر من أكثر الطرق فعالية لتنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل للأجيال القادمة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن خطة التنمية الاستراتيجية للمملكة والتي تتضمن رؤية 2030، تؤكد طموح المملكة في زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من 3.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى رقم قياسي عالمي قدره 5.7٪ من إجمالي الدخل المحلي بحلول عام 2030.
في برنامج التحول الوطني (NTP) الذي يحدد معالم بارزة بحلول عام 2022 تعتزم المملكة زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من 30 مليار ريال سعودي (8 مليارات دولار) إلى 70 مليار ريال سعودي (18.6 مليار دولار). تدعم رؤية 2030 هذا الهدف والتي تعكس “تصميم الدولة على أن تصبح لها قوة استثمارية عالمية”.
تواصل رؤية 2030 تأكيد أن المملكة العربية السعودية تعمل على تطوير أدواتها الاستثمارية لتحقيق إمكانات قطاعاتها الاقتصادية الواعدة وتنويع اقتصاداتها وتوفير فرص العمل. كما ستعمل على تطوير اقتصادها وتحسين جودة خدماتها من خلال خصخصة بعض الخدمات الحكومية وتحسين بيئة العمل واستقطاب أفضل الخبرات والاستثمار في العالم، والاستفادة من موقعها الاستراتيجي الفريد لربط القارات الثلاث.
يمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة من مجموعة من البرامج مثل صندوق النقد العربي الذي يدعم تطوير أسواق رأس المال العربية والتجارة بين الدول الأعضاء والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يمول الاقتصاد.
أيضاً مشروعات التنمية الاجتماعية للشرق الأوسط والتجارة العربية، برنامج تمويل التجارة الذي يقدم قروضًا متوسطة إلى طويلة الأجل لدعم التجارة. كما يوجد تمويل للمشاريع الصناعية من خلال صندوق التنمية الصناعية السعودي بالإضافة إلى آليات التمويل الحكومية والبنوك التجارية الأخرى.
إنشاء علاقات تجارية قوية في جميع أنحاء العالم
كانت المملكة العربية السعودية عازمة على نشر رسالتها ودفعها للمشاركة في ربيع 2017 في عدد من المبادرات التجارية والدبلوماسية الدولية رفيعة المستوى وكذلك إجراء تغييرات تشريعية عملية ووضع سياسات استراتيجية ذكية. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك زيارة الملك سلمان إلى اليابان ولقائه برئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في طوكيو.
اتفق الزعيمان خلال الاجتماع على توطيد التعاون الاقتصادي بين البلدين بإعلان ما يسمى الرؤية السعودية اليابانية 2030. أشارت التقارير إلى أن اليابان تعتبر المملكة العربية السعودية سوقًا جاذبًا للصادرات البنية التحتية، بينما يدرس الجانبان سبل إنشاء مناطق اقتصادية لجذب المزيد من الاستثمارات من قبل الشركات اليابانية إلى المملكة العربية السعودية.
تعتزم شركة Sony عملاقة الإلكترونيات العالمية تعزيز وجودها في الشرق الأوسط وإفريقيا وزيادة عملياتها بنسبة 20 بالمائة في عام 2021 من خلال تقديم مجموعة من المنتجات الجديدة وتطوير استراتيجية أعمال متقدمة في المملكة العربية السعودية.